كل ما جاءَ فُجَاءَة فقد بَغَتَ، يقال قد بَغَتَهُ الأمر يَبْغَتُه بغْتاً وبَغتةً، إذَا أتاه
فُجاءَةً.
قال الشاعر:
ولكنهم ماتوا ولم أخْشَ بغتةً... وأفْظَعُ شيء حين يَفْجَؤكَ البَغْت
وقوله: (يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مافَرطْنَا فِيهَا).
إِن قال قائل: ما معنى دُعَاءِ الحَسْرَةِ، وَهِيَ لاَ تعقل ولا تجيب؟
فالجواب عن ذلك أن العربَ إذا اجْتَهدتْ في الإخْبارِ عنْ عَظِيم تقع فيه
جعلته نداءً، فلفظه لفظ ما ينبَّه، والمنبَّه غَيرُهُ.
مثل قَوله عزَّ وجلَّ: (يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ).
وقوله: (يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ)
وقوله: (يَا وْيلنَا من بعثنا من مَرْقَدِنَا هَذَا)..
فهذا أبلغ من أن تقول: أنا حَسِرٌ عَلَى العباد، وأبلغ من أن تقول: الحسرة علينا في تفريطنا.
قال سيبويه: " إنَّكَ إذا قلت يا عجباه، فكأنك قلت احضُرْ وتعال يا
عجبُ فإنه مِنْ أزمَانِكَ، وتأويل " يا حَسْرتَاهُ " انتَبهُوا على أننا قد خسرنا " وهذا مثله في الكلام في أنك أدْخَلْتَ عليه يا للتنبيه، وأنت تريد الناس قولك: لَا أريَنَّكَ هَهنَا، فلفظُك لفْظُ النَاهِي نفسه، ولكنه لمَا علم أن الِإنسان لا يحتاج أن يلفظ بنهي نَفْسِه دَخل المخَاطَبُ في النَهيِ فصار المعنى: لا تكونَنَّ ههنا،