فاجتهدوا في قَتْله، فلم يَصِلُوا إِلَى ذلك.
وقوله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)
وما يُرْوى مِن الأخبَار عنه بما يَكُون أكثرُ من أن يُحْصَى.
* * *
وقوله: (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١)
قوله: (وَأَنْذِرْ بِهِ)، أي بالقُرْآن، وإِنما ذكر الذين يخافون الحشر، دُونَ
غَيْرهم وهو - ﷺ - منذر جميع الْخلْقِ، لأن الًذِين يَخافُونَ الْحَشرَ الحجةُ عليهم أوجبُ، لأنهم أفهمُ بِالْميعاد.
فهم أحَدُ رَجُلَيْنِ، إِمًا رَجلٌ مُسْلِم فيؤَدي حق اللَّهِ في إِسْلاَمِهِ، وإِما رَجُلُ مِنْ أهلِ الْكِتَابِ، فأهلُ الْكِتَابِ أجمعُونَ مُعْتَرِفُونَ
بأن اللَّه جَل ثَنَاوه خَالِقهمْ، وَأنَّهمْ مَبْعوثون.
وقوله: (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ).
لأن النصارى، واليهود ذكرت أنَّها أبناءُ اللَّه وأحِباؤُه، فأعلمَ اللَّهُ أنَّه لا
ولي له إِلَّا المؤمنون، وأنَّ أهلَ الكُفْر ليسَ لهم عنْ دُون اللَّهِ ولي وَلَا شَفِيع.
* * *
وقوله: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)
كان قوم من المشركين أرادوا الحيلة على النبي - ﷺ - فقالوا لوْ باعَدْت عَنك
هَؤُلاءِ السفْلة والْعَبِيدَ لجَلَسَ إِليك الكبراءُ والأشْرَافُ.
وكانوا عَنَوْا بالذين قَدرُوا أن يباعِدَهم النبي - ﷺ - صُهَيْباً وخَبَّاباً، وعمَّار بنَ يَاسرٍ وسلمانَ الفارِسي وبلالاً.
فأَعلم اللَّه عزَّ وجلََّ، أن أمْرَ الدِّين هو المقَدَّم، ونهاه أنْ يُبَاعِدَ هَؤُلَاءِ، وَأَعْلَمَهُ أنهم يُرِيدُون ما عند الله فَشهِدَ لهم بصحة النيات وأنهم مُخْلِصُونَ في ذلك للهِ، فقال: (يُرِيدُونَ وَجْههُ)، أي يُرِيدُونَ اللَّهَ ويقْصِدُونَ الطُرقَ التي أمرهم بقصدها وإِنما قَدرُوا بهذا أن يُبَاعِدَهُم فتكونَ لهم حُجة عَلَيْهِ.
واللَّه قد أعلم