نحو الخسف الذي نال قارُون ومَن خسِف بِهِ.
(أو يَلبِسَكُم شِيعَاً).
معنى (يَلبِسَكم) يخلط أمرَكم خَلْطَ اضطراب، لا خلط اتفاق يقال لبَسْتُ
الأمر ألْبِسُه لم أبينه، وخلطت بعضه بِبَعض ويقال: لبِستُ الثوبَ ألْبَسُه.
ومعنى (شِيعاً) أي يجْعَلكم فِرَقاً، لا تكونون شيعة وَاحدةً فإِذا كنتم
مختلفين قاتل بعضكم بعضاً، وهو معنى قوله (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ).
ويروى أن النبي - ﷺ - سأل اللَّه جلَّ وعزَّ ألَّا يَبْتَلِيَ هذه الأمة بعذاب يَستأصِلُها به، وَألَّا يُذيق بعضها بأسَ بَعض، فأجابَه في صرف العذاب، ولم يُجِبْهُ في ألا يذيق بعضها بأسَ بعض وأن لا تختلف.
* * *
(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦)
أي إِنما أدعوكم إلى. اللَّه وإِلى شريعته، ولم أومَر بحربكم ولا أخذكم
بالِإيمان كما يؤخذ الموكل بالشيءِ يُلزمُ بُلُوغ آخره.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)
أي لأخذكم بالإيمان على جهةِ الحَرْب، واضْطِرَارِكم إِليهِ ومُقَاتلتكم
عَليه، مُسْتقر، أي وَقْت.
(وَسَوْفَ تَعْلَمُون).
جائز أن يكون وعدهم بعذاب الآخرة، وجائز أن يكون وعدهم
بالحربِ، وأخذهم بالإِيمان شاءُوا أو أبَوْا، إِلا أنْ يُعْطِيَ أهْل الكِتاب
الجزية.