وقوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩)
(فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ).
أي: الذين قد كفَروا، ويكفرون، مِمن أرسلت إِليه.
(فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ).
أي قد وَكَلْنا بالإيمان بها، وَقِيلَ في هذه ثلاثة أقْوال.
قيل يعني بذلك الأنبياءَ الذين جرى ذكرهم آمنوا بما أتى به النبي - ﷺ - في وقت مَبعثِهم، وقيل يعني به الملائكة.
وقيل أيضاً يعني به مَنْ آمَنَ مِنْ أصحاب النبي وأتباعه.
وهو واللَّه أعلم يعني به الأنبياءَ الذين تقدموا لقوله تبارك وتعالى:
(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠)
أي الأنبياء الذين ذكرناهُمُ الذين هدى اللَّه فبهداهم اقتده
أي اصْبِرْ كَمَا صَبَرُوا، فإن قومهم قد كذبوهم فصبروا على ما كذبوا وَأُوذُوا، فاقْتَدِ بِهِمْ.
وهذه الهاء التي في " اقتَدِهْ " إنما تثبت في الوقف، تبين بها كسرة
الدال، فإن وَصَلْتَ قلتَ " اقتدِ "
(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ).
قال أبو إسحاق: والذي أختار من أثِق بعلمه أن يُوقَف عند هذه الهاء.
وكذلك في قوله (فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠).
وكذلك (لَمْ يَتَسَنَّهْ) وكذلك (وما أدْراكَ ما هيهْ)
وقد بيَّنَّا ما في " يَتَسَنَّهْ " في سورة البقرة.
وقوله: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١)