وقد أجمع النحويون على أن قوله عزَّ وجلَّ (كتابٌ أنْزِلَ إِليك) مرفوع
بغير هذه الحروف، المعنى هذا كتاب أنزلَ إِليك، وهو مُجْمِع مَعَهُم على أن
ما قَالُوه جائز فيجب اتباعُهم من قولهِ وَقَوْلهِمْ، ويجب على قائل هذا القول
التثبيت على مخالفتهم، ولو كان كما يصف لكان مُضمِراً اسمين فكان
المعنى (الم) بعض حروف كتاب أنزل إليك، فيكون قد أضمر المضاف وما
أضيف إِليه، وهذا ليس بجائز.
فإن قال قائل قد يقول ألف. با. تا. ثا. ثمانية وعشرون حرفاً، وإنما
ذكرت أرَبعة فمن أين جاز ذلك، قيل قد صار اسم هذه ألف. با. تا. ثا، كما أنك تقول: الْحَمْدُ سَبْعُ آياتٍ فالحمد اسم لجملة السورة، وليس اسم الكتاب الم، ولا اسم القرآن " طسم). وهذا فرق بَيْن.
وهذه الحروف كما وصفناحروف هجاء مَبْنِية على الوقف، وهي في
موضع جُمَلٍ، والجملة إِذا كانت ابتداءً وخبَراً فقط لا موضع لها. فإِذا كان
معنى كهيعص، معنى الكاف كافٍ، ومعنى الهاء هادٍ، ومعنى اليَاء والْعَيْن مِن
عَلِيم ومعنى الصاد من صَذوقٍ، وكان معنى " الم " أنا أعْلَمَ، فإِنما موضعها
كموضع الشيء الذي هُوَ تأويل لَهَا. ولا موضع في الِإعراب لقولك: أنا
اللَّه أعلم، ولا لقولك؛ هو هاد، وهو كاف، إِنما يرتفع بعض هذا ببعض.
والجملة لا موضع لها.


الصفحة التالية
Icon