وقوله: (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ).
هذه اللام لام القسمِ تدخلُ توطئة للأمر.
(لأملأنَّ).
والكلام بمعنى الشرط والجزاء، كأنه قيل: من تبعك أعَذبُه، فدخلت
اللام للمبالغة والتوكيد، ولام لأملأنَّ لام القسمِ ولام " من تبعك " توطئة
لها ةيجوز في الكلام: واللَّه من جاءَكَ لأضْربنه، ولا يجوز ُ: واللَّه لَمَنْ
جَاءَكَ أضربه، وأنت تريدُ لأضربنه، ولكن يجوز: واللَّهِ لمنْ جاءَك أضْربْهُ
تريد لأضْربَنَّه.
وقال بعضهم في قوله: (ثُمَّ لآتِيَنهُمْ مِنْ بَيْنِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهمْ)
أي لأغْوَينهُمْ فيما أمِرُوا به.
وقوله: (وَعَن شَمَائِلِهمْ) أي: لأغوَينهم فيما نُهُوا عَنْه والذي أظنه - والله
أعلم - على هذا المذهب: أني أغويهم حتى يُكَذِّبُوا بأمور الأمم السالِفةِ
- بالبَعْث، كما ذكر في هذا.
ومعنى: (وَعَنْ أيْمَانِهمْ وَعَنْ شمَائِلِهمْ).
أي لأضلنهمُ فيما يَعْقلونَ، لأن الكسب يقال فيه: ذَلكَ بمَا كسبتْ يَدَاك، وإن كانت اليدان لم تجنيا شيئاً، إلا أنه يقال لكل ما عمله عامل كسَبَتْ يَدَاكَ، لأن اليَدَيْن الأصلُ في التصرف فجعلتا مثلًا لجميع مَا عُمِلَ بغيرهِمَا.
قال اللَّه عزَّ وجلَّ (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ)، وقال: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ).