وقوله: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)
يعني يوم حربهم.
(إِلَّا مُتَحَرِّفًا). منصوب على الحال ويجوز أن يكون النصب في متحرف، ومتحيز على الاستثناءِ، أي إلا رجلاً متحيزاً، أي
يكون منفرداً فينحاز ليكون مع المقاتلة..
وأصل (مُتَحَيِّز) متَحَيْوزِ فأدْغمت الياءُ في الواو.
* * *
وقوله: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧)
ويقرأ، وَلَكِنِ اللَّهُ قَتَلَهُمْ، فمن شَدَّدَ نَصَبَ لَنَصْبِ (لكنَّ) وَمَنْ خفف
أبطل عملها ورفع قولَه: (اللَّهُ) بالابتداءِ.
أضافَ اللَّهُ قتلهم إليه، لأنه هو الذي تَوَلى نَصْرَهُمْ، وَأظْهَرَ فِي ذلك
الآيات المعجزات.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ).
ليس هذا نَفْيَ رمي النبي - ﷺ - ولكن العرب خوطبت بما تعقل.
ويروى أن النبي - ﷺ - قال لأبي بكر الصديق: ناولني كفا من بَطْحاءَ، فناوله كفًّا فرمى بها فلم يبق منهم أحدٌ - أعني من الْعَدُو إِلا شُغِلَ بعينه فأعلم اللَّه - جلَّ وعزَّ - أن كفًّا من تُراب أوْ حصًى لاَ يَمْلأ عيونَ ذلك الجيش الكثير