والركْمُ أن يَجْعَلَ بعضَ الشيءِ على بعض، ويقال رَكمتُ الشيءَ أركُمهُ
ركماً، والرُّكام الاسم.
(فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ).
أي يجعل بعض ما أنفقه المشركون على بعض، ويجْعَلُ عليهم في
النارِ، فيكون مما يُعذبُونَ بِه، كما قال جلَّ وعزَّ: (فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ).
* * *
وقوله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩)
أَي حَتى لا يُفْتَنَ الناسُ فتنة كُفْر.
ويدلُّ على معنى فتنة كفر قوله عز وجلَّ: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).
* * *
وقوله: (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠)
المعنى: فإِن أقاموا على كفرهم وعَدَاوتهم فاعْلَمُوا أن الله مولاكم، أي
هو المولى لكم، فلا تضركُم مُعَادَاتهم.
* * *
وقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)
كثر اختلاف الناس في تأْوِيل هذه الآية والعمل بها وجُمْلَتُها أنَّها مال من
الأمْوَالِ التي فَرَضَ الله جل ثناؤُه فيها الفُروضَ، والأموال التي جرى فيها ذكَر الفُروض للفقراءِ والمسَاكينِ وَمَنْ أَشْبهم ثلاثة أصنافٍ.
سمى الله كل صنف منها، فسمى ما كان من الأموال التي يأخدْها المسلمون من المشركين في حال الحرب أَنْفَالَاَ وغَنَائِمَ، وسمى ما صار إِلى المسلمين مما لم يُؤخَذ في الحرب من الخراج والجزية فيئاً، وسَمَى ما خرج أَموال المسلمين


الصفحة التالية
Icon