تلك السنة في الموقف ومعالم الحج وأسبابه المسلمون والمشركون، فلما كان
في سنة تسع وَلى رَسُولُ الله - ﷺ - أبا بكر الصديق الوقوفَ بالناس وأمر بتلاوة براءَة، وولى تلاوتها عَلياً وقال في ذلك: لن يُبَلِّغَ عني إِلا رجُل مني، وذلك لأن العربَ جَرت عادتها في عقد عقودها ونقضها أن يتولى ذلك على القبيلة رَجلٌ منها، فكان جائزاً أن يقول العربُ إِذا تلى عليها نقض. العهد من الرسول:
هذا خِلاف ما نعرف فينا في نقض العهود، فأزاح رسول اللَّهِ - ﷺ - هذه العِلَّةَ، فَتًليَتْ براءَة في الموقف:
(بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)
أي قدْ بَرِئ من إِعطائهم العهودَ والوفاءَ لهم، ذلك أن نكثوا.
(بَرَاءَةٌ) مرتفعة على وجهين أحدهما على خبر الابتداء، على معنى هذه
الآيات براءَة من الله ورسوله، وعلى الابتداء، يكون الخبر (إِلى الذين
عاهدتم) لأَن براءَة موصولة بِـ مِنْ، وصار كقولك: القصد إِلى زيد، والتبرؤُ إِليك، وكلاهما جائز حسن، يقالي بَرئْتُ في الرجلِ والدين براءَةً،. وبرِئْتُ من المرَضِ وبَرَات أيضاً بُرْءَاً، وقد روَوْا برات ابرُؤَ بُرُوءاً، ولم نجد فيما لامه همزة فعَلْت أفعُل، نحو قرأت أقرا، وهنأت البعير أهنؤُه.


الصفحة التالية
Icon