(وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ)
ليس بجواب لقوله: (قَاتِلُوهُمْ) ولكنه مستأنف، لأن (يتوب) ليس من
جنس ما يُجاب به (قاتلوهم).
* * *
وقوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦)
الله جلَّ وعزَّ قد علم قَبْلَ أمْرهم بالقِتَالِ من يُقَاتلُ مِمنْ لَا يُقَاتِلُ ولكنه
كان يعلم ذلك غيباً، فأرادَ العلمَ الذي يُجازي عَلَيْهِ لأنه جلَّ وعزَّ إنما يجازي
على ما عملوا.
وسورة " براءَة " كانت تُسَمَّى الْحافِرةَ، لأنها حَفَرت عن قلوبِ المنافقين.
وذلك أنه لما فُرِضَ القِتالُ تبين المنافقُ من غيره، ومن يُوالي المؤمِنين مِمن
يوالي أعداءَهم فقال جلَّ وعزَّ:
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً).
والوَليجة: البِطَانَةُ، وهي مأخوذة مِنْ وَلَجَ الشيء يلِجُ إِذا دَخَلَ.
أي ولم يَتَخِذوا بينهم وبينَ الكافرين دَخيلَةَ مَوَدةٍ.
* * *
وقوله: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧)
(شَاهِدِينَ) حال. المعنى ما كانت لهم عمارةُ المسجد الحرام في حال
إِقرارهم بالكفر.
(أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ).
أي كُفْرُهُمْ قد أذهبَ ثوابَْ أعمالهم.
* * *
وقوله: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨)