فقال: أهكذا يا رسول اللَّه: قال نَعمْ فرقأ دمعُ أبو بكر وسكن.
وقال المشركون حين اجتازوا بالغار: لو كان فيه أحَد لم تكُنْ ببابه هذه الثمامة.
(فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا).
أيده بملائكة يَصْرِفون وجوهَ الكُفَار وأبْصَارَهُمْ عن أنْ يَرَوْه.
وقوله: (سَكِينَتهُ عَلَيْهِ).
يجوز أن تكون الهاءَ التي في عليه لأبي بكر، وجائز أن تكون ترجع
على النبي - ﷺ - لأن اللَّه جل ثناؤُه ألقى في قلبه ما سَكَن بِه وعلم أنهمْ غيرُ وَاصِلين إليه.
فأعلم الله أنهم إنْ تَركوا نصْرَه، نَصَرَه كما نصره في هذه الحال.
وَثَانِيَ اثنين مَنصُوبٌ على الحال.
المعنى فقد نَصَرَهُ الله أحدَ اثنين.
أي نصرَهُ منفرداً إلا مِنْ أبِي بكر - رضي الله عنه -.
* * *
وقال جلَّ وعزَّ: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١)
فقيل (خِفَافًا وَثِقَالًا) أي مُوسِرين ومُعْسِرين.
وقيل (خِفَافًا وَثِقَالًا) خفَتْ عليكم الحركة أوْ ثقلت، وقيل ركباناً ومُشاة، وقيل أيضاً شباباً وشيوخاً.
وُيروَى أن ابنَ أمِّ مَكْتُومٍ جاءَ إِلى النبي - ﷺ - فقال أعَليَّ أن أنفر، فقال نَعَم، حتى أنزل اللَّه عزَّ وجلَّ: (لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ).
* * *
(لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٤٢)
العرَضُ كل ما عرض لك من منافع الدنيا، فالمعنى: لو كانت غنيمة
قريبة، أي لو كان ما دُعُوا إِليه غُنْماً، وسفراً قاصِداً أي سَهْلاً قريباً لاتبعوك
لَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ.