أي بعدت عليهم الغاية التي تقصدها. وكان هذا حين دُعُوا إلى غزوَةِ
تبوك، فَثَقلَ عَلَيهِمُ الخروجُ. إلى نواحي الشام.
* * *
وقوله: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣)
أي حتى يَتبين لك من يُنَافِق مِمن يصُحِّح. ثم أعلمه جل وعلا أن
عَلامة النفاق في ذلك الوقت الاستئذان في التخففِ عن الجهاد فقال:
(لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤)
موضع " أن " نَصْبٌ.
المعنى لا يستأذنك هُؤلاءِ في أن يجاهدوا، ولكن " في " حُذِفتْ فأفضى الفعلُ فنَصَبَ " أن ".
قال سيبويه، ويجوز أن يكونَ موضعها جَرا، لأن حَذْفها هَهُنا إِنما جاز مع ظهور " أن " فلو أظهرت المصدَر لم تحذف في " لا يستاذنك القوم الجهادَ " حتى تقول في الجهاد
ويجوز لا يستأذنك القوم أن يجاهدوا.
* * *
وقوله: (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)
وأعْلَمَ اللَّهُ جل ثنَاؤهُ أنَّ مَنِ ارْتَابَ وشكَّ في اللَّهِ وفي البَعْثِ فهو كافر.
* * *
(وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦)
أي فَتَرْكَهُمْ العدة دليل على إِرَادَتهم التَخفَف.
(وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ).
والتَثْبِيط ردُّكَ الِإنسانَ عَنِ الشيءِ يفعله، أي كره الله أن يخرجوا معكم
فردهم عن الخروج.
ثم أعلم عزَّ وجلَّ: (لم كره ذلك فقال:
(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)