وقوله جلَّ وعزَّ: (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (٥٣)
وإن شئت كُرْهاً بالضم، هذا لفظ أمْرٍ ومعناه معنى الشرط والجزاء.
والمعنى أنفقوا طائعين أو مكرهين لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ.
ومثل هذا من الشعر قول كثير:
أَسِيئي بنا أَو أَحْسِنِي لا مَلومةٌ... لَدَيْنا ولا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ
فلمْ يأمرها بالإساءَة، ولكن أعلَمَها أنها إِن أساءَت أو أحسَنَتْ فهو على
عهدهَا.
فإِن قال قائل كيف كان الخبر في معنى الأمر؟
قلنا هو، كقولك: غفر اللَّه لزيدٍ، ورحم اللَّه زيداً.
فمعناه: اللهم ارحم زيداً.
* * *
(وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (٥٤)
مَوْضِع " أن " الأولى نَصْبٌ، وموضِع " أنِ " الثانية رفع.
المعنى ما منعهم من قبول نفقاتهم إلَّا كفْرهم.
ويجوز " أن يُقبَلَ مِنْهُم نَفَقَاتهُمْ " لأن النفقَات في
معنى الإِنفاق،.. ، ويجوز: وما منعهم من أن يَقْبلَ مِنهمْ نَفَقَاتِهمْ إلا أنهمْ
كَفَروا، وهذا لا يجوز أن يقرأ به لأنه لم يروَ في القراءَة.
وقوله: (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى).
وكَسَالى - بالضم والفتْحِ - جمع كسلان، وكقولكَ سكران وسُكارى
وسَكارى. ويجوز ولا يَأتونَ الصلاَةَ إِلا وهم كَسْلى.
ولا يجوز ذلك في القرآن.
(وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ).


الصفحة التالية
Icon