(فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ).
والقراءَةُ بالفتح والكسر: " فَأَنَّ لَهُ "، فمن كسر فعلى الاستئناف بعد
الفاءِ، كما تقول فله نار جهنم، ودَخَلت إِنْ مؤكدَة، وَمَنْ قَال: فَأَنَّ لَهُ، فإِنما أعاد " فَانَ " توكيداً، لأنه لما طال الكلام كان إِعَادَتُها أوكَدُ.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِم سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤)
لفظ يَحَذرُ لفظ الخبر، ومعناه الأمرُ، لأنهُ لَا لَبْسَ في الكلام في أنه
أمر، فهو كقولك ليْحذَر المنافقونَ، وعلى هذا يجوز في كل ما يؤمَرُ به أن
تقول يُفْعَلُ ذَلكَ، فَيَنُوبُ عن قَولك ليفُعلْ ذلكَ.
ويجوز أن يكون خبراً عَنْهُم لأنهم كانوا يكفرون عناداً وَحَسَداً.
وَدَليل هذا القول: (قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ).
* * *
وقوله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥)
وذلك أنهُمْ قالوا: إِنما كنا نخوض كما يَخُوضُ الركْبُ.
* * *
وقوله: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦)
تأويله إنَّه قد ظهر كفركم بَعدَ إِظهاركُم الِإيمان.
(إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً).
والقراءَةُ (إِنْ نَعْفُ) وَ (إِنْ يُعْفَ، وإِنْ يَعْفُ) جيدَةٌ، ولا أعلم أحداً من
المشهورين قرأ بها.
ويروى أن هاتين الطائفتين إِنما كانوا ثلاثة نَفَر فَهَزِئ اثْنَان وضَحِكَ
وَاحِدٌ، فجُعِل طائفة للواحد.
وكذلك قالوا في قوله: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
يَرادُ بهِ نَفْسٌ طائفَة.