(فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ).
والسِخْرِيَّ من الله المجازاة على فعلهم وقد بيَّنَّا ذلك.
* * *
وقوله جلَّ وعزْ: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٨٠)
فيروى أن النبي - ﷺ - قال: أستَغْفرُ لهم أكثَرَ مِنْ سَبعين مرة فنزلت (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ).
* * *
وقوله: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (٨١)
بمعنى مخالَفة رسول اللَّه.
وهو منصوب لأنه مفعول له، المعنى بأن قعدوا لمخالفة رسول اللَّه.
ويقرأ خَلْفَ رسول اللَّه، ويكون ههنا أنهم تأخَّروا عن الجِهاد في سبيل اللَّه.
(وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا).
وهذا وعيد في ترك الجهاد.
ويجوز لا تنفُروا بضم الفاءِ.
* * *
(فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)
(جزاءً) مفعول له، المعنى: وليبكوا جزاءً لهذا الفعل.
* * *
وقوله: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤)
يروى أنَّها نزلت في عبد الله بن أبي، وكَانَ رأسَ المنَافِقينَ فلما حضرته
الوفاة بعث إلى رسول الله - ﷺ - يسأله أحَدَ ثَوْبيْه ليُكفَنَ به، فبعث إِليه رسول اللَّه - ﷺ - بأحدهما، فأرسل المنافق إِلى رَسول الله أريد الذي كان يلي جلدك من ثِيَابِك، فوجه إِليه رسول الله - ﷺ - بذلك.
فقيل له فيه: لم وجَّهت إِليه بقميصك يكفن فيه وهو كافر؟
فقال: إِن قميصي لن يغني عنه شيئاً من اللَّه، وإِني أؤمل
من اللَّهِ أن يَدْخُلَ في الِإسلام خلق كثير بهذا السبب، فيروى أنه أسلم من
الخزرج ألفٌ لما راوه يطلب الاستشفاءَ بثوب رسول اللَّه.
وأراد الصلاةَ عَليْه.


الصفحة التالية
Icon