فأمَّا دخول " كَانَ مع " إن " الجزاءَ، وَكونُ الفِعْلِ بعدَهَا لِمَا مَضَى ففيه
قولان:
قال محمد بن يزيد: " كان " لقوتها وأنها عبارة عن الأفعال لم تغيرها إِنِ
الجزاء الخَفِيفَةُ.
والقول الثاني أَن " كان " عبارة عَنِ الأفعَالِ - وأن كان في معنى
الاستقبال ههنا - عَبَّرتْ عن فعل ماض، المعنى إن يكن قَمِيصُهُ قُذ، أيْ إنْ
يُعْلَمْ قَمِيصُه قُدَّ مِنْ قُبل فالْعِلْمُ مَا وقع بعد، فكذلك الكون لا يكون لأنه مؤدٍّ عن العلم.
* * *
(يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (٢٩)
معناه يا يوسف اكتم هذا الأمر ولا تذكره.
(وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ).
ويرْوى أنهُ كان قَليلَ الغَيْرَةِ.
* * *
ْوقوله عزَّ وجلَّ: (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ).
(بَدَا) فعل استغْنى عَنْ فَاعِل.
العربُ تقولُ: قد بَدا لي بَدَاء أي تغير رأي عما كان عليه.
وأكثر العرب تقول: قد بدا لي، ولم يذكر بَدَاءً، لكثرته
لأنه في الكلام دَلِيلاً على تغير رأيه، فَتُرِكَ الفاعلُ وهُوَ مُرَاد.
ثم بين ما البَدَاءُ فقال لَيَسْجُننه حَتى حينٍ، كأنَّهم قالوا: لَيَسْجُنَنهُ، والرأي الذي كاد لهم قبل:
قيل إن العزيز أمره بالإعراض فقط ثم تغير رأيه عن ذلك.
* * *
وقوله: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٠)
يقال نِسوة ونُسْوة - بالضم والكَسْرِ -
وقيل: (تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ).