وقوله عزَّ وجلَّ: (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)
ينتصب على وجهين: أحدهما على الصفة لقوله (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ).
والمعنى: يَا ربِّ قد آتيتني، وهذا نِدَاء مضاف في موضع نصبٍ.
ويكون (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ والأرْضِ) صفة لِلأول.
وجائز أن ينتصب على نداء ثانٍ، فيكون المعنى: يَا فَاطِرَ السماواتِ والأرْضِ أَنْتَ وَليِّي.
(وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
أي ألْحِقْنِي بمرَاتبهم مِنْ رحمتك وغفرانك.
* * *
(ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢)
هذا خِطاب للنبي عليه السلام، المعنى الذي قَصَصْنَا عليك من أمْر
يوسفَ وَإخوته مِنَ الأخْبَارِ التي كانت غائبة عنك.
فأُنزلت عَلَيْهِ دلاَلةً على إثبات نبوته، وإنْذَاراً وتيْسِيراً بتفصيل قِصَص الأمم السالفة.
وموضع (ذَلِكَ) رفع بالابتداء ويكون خبره (مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ).
ويكون (نوحيه إلَيْكَ) خَبَراً ثَانِياً، وإن شئت جعلت " نوحيه " هو الخبر، وجعلت ذلك في موضع الذي.
المعنى الذي مِنْ أنباء إلغيب نوحيه إليك ذلك.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)
معناه وما أكْثَر الناسِ بمؤمنين ولو حَرَصتَ على أن تَهْدِيَهمْ لأنك لا
تهدي مَنْ أحْبَبْتَ ولَكِنَّ الله يَهْدي مَنْ يَشَاءُ.
* * *
(وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤)
أي وَمَا تَسْاَلهم على القرآن وتلاَوته وهِدَايتكَ إيَّاهم من أَجْر.
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ)
أي ما هو إلا تذكرة لهم، بما هو صلاحهم ونجاتهم من النَّارِ وَدُخولهم