وقوله: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (٢١)
أي جمعهم الله في حشرهم فاجتمع التابع والمتبوع.
(فَقَالَ الضُعَفَاءُ)، وهمُ الأتباعُ.
(للذين استكبروا) وَهم المَتْبوعونَ.
(إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا).
أي اتبَعناكم فيما دعوتمونا إليه، وتَبَعاً جمع تَابع، يقال تابع وتَبَعُ، مثل
غائب وغَيَبٌ، وجائز أن يكون تبع مَصْدَراً سمِّيَ به، أي كنا ذوي تبع.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا).
(سَوَاءٌ) رفع بالابتا اء، و (أَجَزِعْنَا) في موضع الخبر.
(مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ).
أي ما لنا من مهرب ولا مَعْدِل عن العذابِ، يقال حاص عن الشيء
يَحِيص، وَجَاصَ عنه يَجِيصُ في معنى واحدٍ.
وهذه اللغة لا تجوز في القرآن ويقال: وقع في حَيْصَ بيْصَ، وَحَاصَ باصَ وحَاصٍ بَاصٍ، إذا وقع فيما لا يقدرُ أن يتخلص منه.
* * *
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٢)
روي أنه إذا استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النَّارِ قام إبليس
عليه لعنة الله خطيباً، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ)، أي وَعَدَ من أطاعه الجنة ووعد مَن عَصاه النَّارَ، (وَوَعَدْتُكُمْ) خلاف ذلك وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم مِنْ سُلْطَانٍ. أي ما أظهرت لكم مِنْ حُجةٍ.
(إلا أن دَعَوْتُكمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي).
أي أغويتكم وأضللتُكمْ، فاتبعتموني.
ذكر اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن إبليس


الصفحة التالية
Icon