مكرهمِ ليزول به أمر النبي - ﷺ - وأمر دين الإسلام وثبوته كثبوت الجبال الراسية، لأن اللَه عزَّ وجلَّ وَعَدَ نبيَّه عليه السلام إظْهَارَ دِينِه عْلى كل الأديان فقال:
(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ودليل هذا قوله:
(فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤٧)
أي لا يخلفهم ما وعدهم من نصرهم وإظهار نبوتهم وكلمتهم، ويقرأ
(وَإنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبَالُ) على الرفع وفتح اللام الأولى.
ومعناه معنىً حَسَن " صحيح.
والمعنى: وعند الله مكرُهم وإن كان مكرُهم يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال، فإنَ الله ينصُرُ دينه، ومَكْرهم عنده لا يخفى عليه.
فإِنْ قَالَ قَائِل: فهل زالت الجبال لمكرهم؛ فقد روي في بعض التفسير
قصةُ التابوت والنُّسُورِ، وأن الجبال ظنت أن ذلك أمر من أمر اللَّه عظيم
فزالت، وقيل هذا في قصة النمرود ابن كنعان؛ ولا أرى لنمرودَ ههنا ذكراً، ولكنه إذا صحت الأحاديث به فمعناه أن مَكْرَ هؤلاء لو بلغ مكر ذاك لم ينتفعوا به، وأمَّا مَا تُوحِيه اللغَة وخطابُ العَرَبِ فأن يكون المعنى وإن لم يكن جبل قط، زال لمكرِ المبالغة في وصَف الشيء أن يقال: لو بلغ ما لا يُظَن أنه يبلُغُ ما انتفع به.
قال الأعشى: