هذا أو كان مما يُوَدُّ في حَالٍ وَاحِدَةٍ من أحوال العذاب، أو كان الِإنسانَ
يخافُ أنْ يندمَ على الشيء لوجَبَ عَليه اجْتِنَابُه.
والدليل على أنه عَلَى مَعْنَى التهدُّدِ.
* * *
قوله عزَّ وجلَّ: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
(٣)
وجائز أن يكون - واللَّه أعلم - أن أهوال يوم القيامة تسكرهم وتَشْغَلُهم
عن التَمني، فإذا أفاقوا مِنْ سَكْرةٍ من سَكَرات العَذَابِ ودوا لو كانوا مسلمين.
فأمَّا من قال إن رُبَّ يُعْنِيَ بها الكثير فهذا ضِدُّ مَا يَعْرفُه أهلُ اللغةِ، لأن
الحروف التي جاءت لمعنىً تكون على ما وضعت العَربُ. فربَّ موضوعة
للتقليل، وكم موضوعة للتكثير، وإنما خوطبوا بما يعقلون ويستفيدون.
وإنما زيدت ما مع رُبَّ ليليها الفعُلُ، تقول رُبَّ رَجُلٍ جَاءَنِي وربما
جاءني رَجُل.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (٤)
أي إلا ولها أجل لا تتقدمه ولا تتأخُرَ عَنه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ - (لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧)
معناه هَلَّا تأتينا بالملائكة، روى ذلك.
قالوا للنبي عليه السلام: (لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ).
* * *
فقال: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (٨)
أي إِنما تنزل بآجال أو بوحي من اللَّه.
(وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ).
أي لو نزلت الملائكة لم ينظروا، وانقطعت التوبات، كما قال: