وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠)
خبر (إِنَّ) هنا على ثلاثة أوجه:
فأحدها أن يكون على إضمار " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً منهم "، ولم يحتج إلى ذكر منهم لأن الله تعالى قد أعلمنا أنه يحبط عمل غير المؤمنين، قال عزَّ وجلَّ: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
ويجوز أن يكون خبر (إِنَّ): (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ)
ويكون قوله: (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) قَدْ فُصِلَ به بين الاسم وخَبَرِه، لأن فيه ذكر ما في الأول، لأن من أحسن
عملاً بمنزلة الذين آمنوا.
وَوَجْهُ ثالث، أنْ يكون الخبر (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)
في معنى إنا لا نضيع أجرهم، لأن ذكر " مَنْ " كذكر الذي، وذكر
حُسْنِ العَمَل كذِكْرِ الإيمان.
فيكون كقولك: إن الذين يعملون الصالحات إن الله لا يضيع أجر من آمن، فهو كقولك إن اللَّه لا يضيع أجرهم.
(أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (٣١)
ومعنى (جناتُ عَدْنٍ) جنات إقَامة.
وقيل في التفسير جنات عَدْن، جنات من الأربع الجِنَانِ التي أعدها الله لأوليائه.
(يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ).
أساور جمع أسْوِرة، وأسْوِرَة جمع سوار. يقال هُو سِوَارٌ في اليد
بالكَسْرِ، وَقَدْ حُكِيَ سَوار وحكي قطرب إسْوَار، وذكر أن أساور جمع إسْوَار، على حذف الياء، لأن جمع أسوار أساوير.


الصفحة التالية
Icon