(كِلْتَا) لفظ واحد، والمعنى كل واحد؛ منهما آتت أكلها، ولو كان
(آتتا) لكان جائزاً أن يكون المعنى الجَنتَانِ كلتاهما آتتا أكلَهُمَا.
(وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا).
ولو قرئت نَهْراً لكان جائزاً.
يقال نَهَر ونَهْر، فأعلمنا أن شُرْبَهُمَا. كان من ماء نهر وهو من أغزر الشرْب.
* * *
(وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (٣٤)
وقرئت ثُمُر، وقيل الثمَرُ مَا أخرجته الشجر، والثمُرُ المال، يقال قد ثمَّر
فلان مَالًا. والثمُرُ هَهُنا أحْسَنُ، لأن قوله: (كِلْتَا الجَنتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها).
قَد دَلَّ على الثمَرِ، وتجوز أن يكون ثَمَرٌ جمع ثَمَرة. وثمارٌ وثُمرٌ.
وقوله: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا).
مالًا، ونفراً، منصوبان على التمييز، وأخبره أنه أعز منه ناصراً، أي
يخبر أنَّ نُصَّارَهُ كثير.
* * *
وقوله: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا
(٣٥)
وكل من كفر باللَّهِ فَنَفْسَهُ ظَلَم، لأنه يولجها النار ذاتَ العَذَاب الدائِمِ.
فأي ظُلْم للنفس فوق هذا.
* * *
وقوله: (مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (٣٦)
فأخبر بكفره بالساعة وبكَفره بفناء الدنيا.
(وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا).
فدل على أن صَاحِبَهُ المؤمن قد أعلمه أن السَّاعَةَ تَقُومُ وأنه يبعث،