قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣)
(فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ).
وهذا قَوْلُ يُوشَع لِمُوسَى، حين قال موسى (آتنا غَدَاءَنَا).
وكانت السمكة من عُدَّةِ غدائهما، فقال:
(وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ).
كَسْرُ الهاء وضمها جَائِزَان في (أَنْسَانِيهُ)، (أَنْ أذكره) بدلٌ من الهاء
لاشتمال الذكر على الهاء في المعنى، والمعنى وما أنساني أن أذكره إلا
الشيطانُ.
(وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا).
(عَجَبًا) منصوب على وجهين، على قول يوشع: واتخذ الحوت سبيله
في البحر عجباً، ويجوز أن يكون قال يوشع: اتخذ الحوت سبيله في البحر.
فأجابه موسى فقال: (عَجَبًا)، كأنَّه قال: أعْجَبُ عَجَباً.
ثم قال: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي).
الأكثر في الوقف (نَبْغِ) على اتباع المصحف.
وبعد " نبغ " آيةً ويجوز وهو أحسن في العربية (ذلك ما كنا نبغي) في الوقف. أما الوصل فالأحسن فيه نبغي بإثبات الياء، وهذا مذهب أبي عمرو، وهو أقوى في العربية.
ومعنى قول موسى (عليه السلام): (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ)، أي ما كنا نريد.
لأنه وعد بالخَضِر في ذلك المكان الذي تتسرب فيه السمكة.
(فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا).
أي رجعا في الطريق الذي سلكاه يقصان الأثَر قَصَصاً، والقصص اتباع
الأثر.


الصفحة التالية
Icon