القائل لهذا القول وغيره أن رَفْعهُ بالِإضمار هو الوجه.
(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (٣)
دعا اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - سِرا، وبين ما الذي سأل الله عزَّ وجلَّ، فقال:
(قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤)
ومعنى (وَهَنَ) ضعف.
(وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا).
قيل إن كان قد أتت له في ذَلك الوقتِ خَمسٌ وستون سَنَةً، وقيل ستونَ
سنةً وقيل خمس وسبعون سنة.
و" شَيْباً " منصوب على التمييز
المعنى اشتعل الرأس من الشيب، يقال للشيب إذا كثر جِدا: قد اشتعل رأس فلان.
(وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا).
أي كنْتُ مستجاب الدعوة.
ويجوز أن يكون أراد (لَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) أي من دعاك مخلصاً فقد وَحَّدك وعبدك، فلم أكن بعبادتك شَقِيًّا.
* * *
وقوله: عزَّ وجلَّ: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥)
- بإسكان الياء من ورائي - معناه من بعدي، والموالي واحدهم مولى.
وهم بنو العم وعصبة الرجل، ومعناه الذين يَلُونَه في النَسَبِ كما أن معنى
القرابة الذين يقربون منه في النسب.
وقوله: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا).
أي قد بلغت هذه السِّنَ وامْراتِي عاقر، والعاقر من النساء التي بها علة
تمنع الْوَلَدَ، فكذلك العاقِر من الرجال، فليس يكون لي ولد إلا " وَلِيًّا " فهبه
لي، فإنك على كل شيء قدير.