وقوله عزَّ وجلَّ: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩)
أي لما خاطبوها أشارت إليه، بأنْ جَعَلُوا الكلامَ مَعَهُ، ودَل على أنها
أشارت إليه في الكلام قولهم (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا).
وفي هذا ثلاثة أوجهٍ:
قال: أبو عبيدة إن معنى " كان " اللغو، المعنى كيف
نكلم من في المهد صبياً، لأن كل رجل قد كان في المهْدِ صَبِيًّا، ولكن
المعنى كيف نكلم من في المهد صَبيًّا لا يَفهمُ مِثْلهُ، ولا ينطق لسانه بالكلم.
وقال قوم إنَّ " كان " في معنى وقع وحَدَثَ.
المعنى على قول هؤلاء: كيف نكلم صَبِيًّا قد خلق في المهْدِ.
وأجود الأقوال أن يكون " مَن " في معنى الشرط والجزاء فيكون المعنى:
من يكن في المهد صَبِيًّا - ويكون (صَبِيًّا) حالاً - فكيف نكلمه.
كما تقول من كان لا يسمع ولا يعقل فكيف أخاطبه.
وروى أنَّ عيسى عليه السلام لما أومأت إليه اتكأ على يساره وأشار بسبَّابَتِه فقال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) أي معلمأ للخير.
(وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١)
ومعنى الزكاةِ هَهُنا الطهَارَةُ، (مَا دُمْتُ حَيًّا) - دُمْتُ، ودِمْتُ جميعاً.
(وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢)