وجائز أن يكون قد أعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - إدريس ورُوُدَ الخلق النَّارَ وأنهم
مُخَلَّدون في الجِنَان قبل إنْزَاله القرآن، وجاء القرآن موافقاً ما عُلِّمَ إدْرِيسُ.
وجاء في التفسير أنه رُفِعَ كما رُفِعَ عيسى.
وجائز أن يكون - واللَّه أعلم - قوله: (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانَاً عَلِيًّا) أي في
النبوة والعلم.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)
قد بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَه أن الأنْبِيَاءَ كانوا إذَا سَمِعُوا بآيات اللَّه - عزَّ وجلَّ -
سَجَدُوا وبَكَوْا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.
و (بُكِيًّا) جمع باكٍ، مثل شاهد وشُهود وقَاعِد وقُعُود.
و (سُجَّدًا) حال مُقَدَّرَة
المعنى: خَرُّوا مُقَدِّرينَ السجُودَ لأن الِإنسان في حال خرْورِهِ لا يكون سَاجِداً و (سُجَّدًا) منصوب على الحال.
ومن قال: (بُكِيًّا) ههنا مصدر فقد أخطأ لأن (سُجَّدًا) جمع سَاجد و (بُكِيًّا) عطف عليه، ويقال بَكَى بُكَاءً وبُكِيًّا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)
يقال في الرداءة خَلْف - بإسكان اللام - تقول خَلْفُ سوءٍ وفي
الصلاحِ خلَفُ صِدْقٍ - بفتح اللام - وقد يقال في الرداءة أيضاً خَلَف - بفتح اللام - وفي الصلاح بإسكان اللام، والأجود القول الأول.
(أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ).
جاء في التفسير أنَّهمْ صَلُّوْهَا في غير وقتها، وقيل أضَاعُوهَا وتَرَكُوَهَا ألبتَّة
وهذا هو الأشبه، لأنه يدل على أنه يعْنَى بِهِ الكفَارُ.
ودليل ذلك قوله: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ).
وقوله: (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)