أي فهلَّا تَعُدُّون الكميَّ، والكمي الداخل في السلاح.
والمعنى: فهلَّا كان أهل قرية آمنوا.
وقوله (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ).
استثناء ليس من الأول، كأنه قال لكن قوم يونس لما آمنوا.
وقوله: (فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا).
معناه هلَّا كانت قرية آمنت في وقت ينفعهم الِإيمان، وجرى هذا بعقب
قول فرعون لما أدركه الغرق: (آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ).
فأعلم اللَّه - جلَّ وعزَّ - أن الِإيمان لا ينفع عند وقوع العذاب ولا عند حُضُورِ الموت الذي لَا يُشَك فيه.
قال اللَّه - جلَّ وعزَّ -: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ).
وقوم يونس - واللَّه أعلم - لم يقع بهم العذاب، إنما رأوا الآية التي تدل
على العذاب، فلما آمنوا كُشِفَتْ عنهم.
ومثل ذلك العليل الذي يتوب في مَرَضِه وهو يرجو في مرضه العافيةَ ولا
يخافُ الموتَ فتوْبتُه صحيحة
أما الذي يعاين فلا توبة له، قال اللَّه - عزَّ وجلَّ في قِصتِه: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ).
فأمَا النصب في قوله (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) فمثله من الشعر قول النابغة: