ْوإنما تبعَثُ الرسُل وهي لا تعلم الغيب ولا تدري أيقبل منها أم لا، وهم
يرجون ويطمعون أن يقبل مِنهم، ومعنى " لعل " متصور في أنفسهم، وعلى
تصور ذلك تقوم الحجة، وليس علم الله بما سيكون تجب به الحجة علم.
الآدميين، ولو كان كذلك لم يكن في الرسل فائدة.
فمعنى: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى).
هو الذي عليه بُعثَ حميعُ - الرُّسُلِ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥)
معنى يَفْرطَ علينا يُبَادر بعقوبتنا، يقال: قد فرط منه أمر أي قَدْ بَدَرَ منه
أمر، وقد أفرط في الشيء إذا سَقَط فيه، وقد فرط في الشيء أي قَصَّرَ ومعناه كله التقدم في الشيْءِ، لأن الفرط في اللغة المتقدم.
ومنه قوله - ﷺ - " أنا فَرَطُكُمْ على الحوض ".
* * *
وقوله: (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (٤٧)
(وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى).
ليس يعنى به التحية، وإنما معناه أن من اتبع الهدى سلم من عذاب
اللَّه وسخطه والدليل على أنه ليس بسلام أنه ليس ابتداء لقاء وخطاب.
ومعنى (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ).
ولم يقل فَأتَيَاهُ فقَالاَ لَه إنا رَسُولا ربِّكَ، لأن الكلام قدْ دل على ذلك
فاستغنى عنه أن يقال فيه فأتَياهُ فَقَالاَ، لأن قوله: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (٤٩).
فيه دليل على أنهما أتَياهُ فَقَالَا لَهُ:
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى
(٥٠)
معناه خلق كل شيء على الهيئة التي بها ينْتَفِعُ، والتي هي أصلح
الخلق له، ثم هَدَاهُ لمعِيشتِه، وقد قيل ثم هداه لموضع مَا يكون منه الولد.


الصفحة التالية
Icon