والذي يلي هذه في الجودة مذهب بني كنانة في ترك ألف التثنية على
هيئة واحدة، لأن حق الألف أنْ تَدُل على الاثنين، وكان حقها ألا تتغيَّر كما لم تتغير ألف رحى وعضى، ولكن كان نقلها إلى الياء في النصْبِ والخفض
أبين وأفْضَلُ للتمييز بين المرفوع والمنصوب والمجرور.
فأمَّا قراءةَ عيسى بن عمر وأبي ععرو بن العلاء فلا أجيزها لأنها خلاف المصحف، وكل ما وجدته إلى موافقة المصحف أقرب لم أجِزْ مخَالفَتَه، لأن اتباعه سنة.
وما عليه أكثر القراء، ولكني أسْتَحسِنُ (إنْ هذان لساحران) بتخفيف (إنْ) وفيه إمامان: عاصمٌ والخليلُ، وموافقة أُبيٍّ في المعْنَى وأن خالفه اللفظ، ويستحسن أيضاً (إنَّ هذان) بالتشديد، لأنه مذهب أكثر القراء، وبه يقرأ وهو قوي في العربية.
* * *
قوله تعالى: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى).
معناه في قول النحويين بجماعتكم الأشراف. والمثلى تأنيث الأمثل.
ومعنى الأمثل والمثلى معنى " ذوُ الفضل " الذي يستحق أن يقال فيه هذا
أمثل قَوْمِه.
وفي التفسير: (بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) بأشْرَافكم، والعرب تقول للرجل
الفاضل هذا طَرِيقةُ قوْمِه، وَنَظِيرَة قومِه، ونَظُورَة قومه.
كل هذا للرجل الفاضِل.
وإنما تأويله هذا الذي ينبغي أن يجعلَهُ قومُه قدوةً ويسْلكوا طريقته.
والذي قال أيضاً: هذا نظورة قومه ونظيرة قومه، معناه هذا الذي ينبغي أن يَنْظُر إليه قومُه وأن يتبعوه.
والذي عندي - واللَّه أعلم - أن في الكلام محذوفاً يدل عليه ما بقي.
إنما المعنى يذهبا بأهل طَرِيقتكم المثلى، كما قال اللَّه عزَّ وجلَّ: