ذكر بعض النحويين أنه منصوب على " واذْكر لوطاً "، وهذا جائز لأن ذكر
إبراهيم قد جرى فحمل لوط على معنى واذكر.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦)
منصوب على واذكر، وكذلك قوله:
(وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨)
على مَعْنى واذكر داوود وسليمان (إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ)
النفْش بالليل، والهَمَلُ بالنهار.
وجاء في التفسير أن غنماً على عهد داوود وسُلَيْمَانَ مَرتْ بحَرْثٍ لِقَوم
فَأفْسدَتْه، ورُوِيَ أن الحَرْث كان حنطة، ورُوِيَ أنه كان كرماً، فأفسدت ذلك الحرث فحكم داود بدفع الغنم إلى أصحاب الكرم وحكم سليمان بأن يدفع الغنم إلى أصحاب الكرم فيأخذوا منافعها من ألْبانها وأصوافها وعَوَارِضها إلى أن يعودَ الكرمُ كهيئتِه وقت أفْسِدَ فإذا عاد الكرم إلى هيئته رُدَّتِ الغنم إلى أرْبابها ويدفع الكرم إلى صاحب الكرم.
قال أبو إسحاق: يجوز أن تكون عوارضُها من أحد وجهين، إما أن يكون
جمع عريض وعُرْضَان، وهو اسم للحَمَلِ، وأكثر ذلك في الجدْي، ويجوز أن
يكون بما يعرض من منافِعِها حتى يَعُودَ الكَرْمُ كما كان، وهذا - واللَّه أعلم - يدل على أن سُليمان عَلِمَ أن قيمةَ ما أفْسَدَتِ الغنمُ من الكرم بمقدار نفع
الغنم.
قال اللَّه عزَّ وجلَّ: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩)
أي فهمناه القَضيةَ، والحكومةَ.
(وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا).