وقوله: (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣)
فقال: ولا يضره، وقال ضَره أقربُ من نفعه، معناه الضَرَرُ بعبادَتِه أقرب
من النفع.
فإن قال قائل: كيف يقال: أقرث من نفعه ولا نفع من قِبَلِهِ ألبتَّةَ؟
فالعرب تقول لِمَا لَا يكون: هذا بعيد، والدليل على ذلك قوله تعالى:
(أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣).
وقد اختلف الناس في تفسير هذه اللام، وفي (يدعو) بأي شْيء هي
معلَّقَة ونحن نفسر جميع ما قالوه وما أغفلوه مما هو بيِّنٌ من جميع ما قالوا إن
شاء اللَّه.
قال البصريون والكوفيون: اللام معناها التأخير، المعنى يدعو من لضَرِّه
أقربُ من نَفْعِهِ ولم يُشْبِعُوا الشرحَ، ولا قالوا من أين جاز أن تَكُونَ اللام فِي
غير مَوْضِعِها.
وشرح ذلك أن اللام لليمين والتوكيد فحقها أن تكون في أول
الكلام فقدمت لِتُجْعَلَ في حقها، وإن كان أصلُها أنْ تكون في " لَضَرُّهُ " كما
أن لام " إن " حَقها أن تكون في الابتداء، فلما لم يجز أنْ تَلِيَ " إنَّ " جُعِلَت في الخَبر في مثل قولك: إنَّ زيداً لقائمٌ، ولا يَجُوزُ " إنَّ لَزَيْداً قائِمٌ "، فإذا أمكن أن يكون ذلك في الاسم كان ذلك أجود الكلام، تقول إن في ذلك لآية، فهذا قول.
وقالوا أيضاً. أن يَدعُو مَعَها هاء مُضمَرةٌ، وأن (ذلِك) في موضع رفع
و (يدعو) في موضع الحال.
المعنى، ذلك هو الضلال البعيد يدْعُوه، المعنى في


الصفحة التالية
Icon