ما يخشاه، وأعلمنا أنه سَخر معَ داودَ الجبالَ والطيرَ تسبح معه، فلو كان تسبيح الجبال والطير أثرَ الصنعة: ما قيل سخرنا ولا قيل مع داود الجبال لأن أثر الصنعة يتبين معَ دَاوُدَ وَغيرِه، فَهُوَ سُجودُ طاعةٍ لا محالة، وكذلك التسبيح في الجبال والطير، ولكنا لا نعلم تسبيحها إلا أن يجيئنا في الحديث كيف تسبيح ذلك.
وقال اللَّه عزَّ وجلَّ - (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩)
الخصمان المُؤمِنُونَ والكَافِرون - جاء في التفسير أن إليهود قالوا
للمسلمين ديننا أقْدَمُ من دينكم وكتابنا أقدَمُ من كتابكم، فأجابهم المسلمونَ بأنَّا آمنا بما أنزل إلينا وأنزل إليكم وآمنا باللَّهِ وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وأنتم كفرتم ببعض الرسل فظهرت حجة المسلمين على الكافرين.
وقيل اختصموا وقد قال خَصْمَانِ لأنهما جَمْعانِ.
(فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ).
وجاء في التفسير أن الثيَابَ التي من نارٍ هي نُحَاسٌ قَدْ أُذِيبَ.
قوله عزَّ وجلَّ.: (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠)
يغلى به ما في بطونهم حتى يَخْرُجَ من أدْبَارِهم، فهذا لأحد الخصمين.
وقال في الخصم الذين هم مؤمنون:
(إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٢٣)
و (لُولُؤ) يقرأان جميعاً، فمن قرأ (ولؤلؤاً) فعلى معنى يحلون فيها أساور من