وقوله: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧)
قيل إن يوْماً من أيامِ عَذَابِهم كألف سَنَةٍ، ويدل على ذلك الحديث
الذي يُرْوَى أن الفقراء يُدْخُلونَ الجنةَ قَبْلَ الأغْنِياءِ بِنِصفِ يومٍ.
وجاء في حديث آخر تفسير هذا القول بخمسمائةِ عَامٍ.
فهذا يدل على أنَّ اليومَ مِن أيامِ القِيامة ألف سَنَةٍ، والذي تدل عليه الآية - واللَّهُ أعلَم - أنهم اسْتَعجَلوا فأعلمَ اللَّهُ عز وَجَلَّ أنه لا يَفُوته شيء وأن يوماً عنده وألف سنةٍ في قُدْرَتِه وَاحدٌ، وأن الاستعجال في ميعادهم لا فرق فيه بين وقوع ما يستعجلون به من العذاب وتأخره في القدرة إلَّا أنَّ اللَّهَ - جل ثناؤه - تفضل بالإِمهال، وغَفَر بِالتوبَةِ، فالتأخير الفرق بينه وبين التقديم تفَضل الله عزَّ وَجَل بالنَظِرَةِ.
ثم أعلم - عزَّ وَجَلً - أنَّه قد أخذ قَوْماً بعد الإِملاءِ والتأخير عُقوبةً منه ليزدادوا إثماً فقال بعد قوله: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ)، وبعد تمام الآية (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨).
المعنى ثم أخَذْتها بالعَذَابِ، واستُغنِيَ عن ذكر العذاب لِتقَدُمِ ذكره في
قوله: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ).
* * *
وقوله: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (٥١)
أي ظانِّينَ أنهم يعجزونَنَا لأنهم ظَنوا أنهم لا يُبْعَثُونَ، وأنَّهُ لاَ جنَّةَ ولا
نار.
وقيل في التفسير معاجزين معاندين، وليس بخارج من القول الأول.
وقُرِئت معَجِّزِين، وتأويلها أنهم كانوا يُعَجِّزُونَ من اتبع النبي - ﷺ - وُيثَبِّطونَهمْ عنه.
* * *
وقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)
معنى (إِذَا تَمَنَّى) إذَا تَلَا، ألقى الشيطان في تِلَاوَتِهِ، فذلك