وقوله: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
أي مِنْ ضيقٍ، جعل الله على من لم يستطع الشيء الذي يثقل في
وَقتٍ، ما هُو أخف منه، فجعل للصائم الإفطار في السفر، وبِقَصْر الصلاة
للمُصَلِّي إذا لم يُطِقِ القِيام أن يُصَلِّيَ قَاعدِاً، وإِن لم يطق القُعُودَ أن يُومِئَ
إيماءً، وجعل للرجل أن يتزوج أَرْبعاً، وجعل له جميع ما ملكتْهُ يمينُهُ.
فوسَّعَ اللَّه - عزَّ وَجَلَّ - عَلَى خلقِه.
وقوله: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ).
معناه اتبعوا مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ.
وجائز أن يكون مَنْصُوباً بقوله: اعبدوا ربكم وافعلوا الخير فعْلَ أبيكم إبراهيم.
وقوله: (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا).
" هُوَ " رَاجِعَةٌ إلى اللَّه - عَر وَجَلً - المعنى: اللَّهُ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ
قَبْلِ أن يُنَزِّلَ القرآن، وفي هذا القرآن سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ.
وجائز أنْ يكون إبراهيمُ عليه السلام سَمَّاكُمُ المُسلِمِينَ من قبل، وفي هذا، أي حكم إبراهيم أن كل من آمن بمحمد مُوَحِّداً لِلَّهِ فقد سمَّاه إبراهيم مُسْلِماً.
وقوله: (وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ).
يروى أن الله سبحانه أعطى هذه الأمة ثلاثة أشياء لم يعْطَها إلا الأنبياء.
جُعِلَتْ شَهِيدَة على سائر الأمَمِ، والشهادة لكل نبيٍّ على أُمَّتِه.
وأن يقال للنبي عليه السلام: اذهب ولا حرج عليك، وقال اللَّه لهذه الأُمَّة: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وأنه قال لكل نَبِيٍّ سَلْ تُعْطَه، وقال لهذه الأمَّةِ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).