لوقوعِ غَيرِه. تقول: لما جَاءَ زيد جاء عمرو.
وَيجوز لمَّا جاء زيد يتكلم وعمرو، على ضربين:
أحدُهُمَا أن إنْ لما كانت شرطاً للمستقبل وقع الماضي فيها في مَعنى
المستقبل، نحو إن جاء زيد جِئتُ. والوجه الثاني - وهو الذي أختارُه - أن
يكون حالًا لحكاية قد مضت.
المعنى فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءَتْه البُشْرى أخَذَ
يُجَادِلُنا في قوم لوط، وأقبل يجادِلنَا. ولم يذكر في الكلام أخذ
وأقبل، لأن في كل كلام يخاطب به المخاطب معنى أخَذَ وأقْبَلَ إذَا أرَدْتَ
حكايةَ الحَالِ، لأنك إذَا قلتَ: قام زيد، دللت على فعل ماضٍ.
وإذا قلت أخَذ زيْدْ يَقُولُ دللت على حال ممتدة من أجلها ذكرتَ أخَذَ وأقْبَلَ. وكذلك جعل زيد يقول كذا وكذا، وكَرَبَ يَقول كذا وكذا
وقد ذكرنا (الأوَّاه) في غير هذا الموضع، وهو المبتهل إلى اللَّه
المتخشع في ابتهاله، الرحيم الذي يكثر من التأوه خوفاً وإشفاقاً من الذنوب.
ويروى أن مجادلته في قوم لوط أنه قال للملائكة وقد أعلَمُوه أنهم
مُهلِكُوهم، فقال أرأيتم إنْ كانَ فِيها خمسُونَ من المؤمنين أتهلكونَهُمْ
مَعَهمْ إلى أن بلغ خمسةً، فقالوا لا، فقال اللَّه - عزَّ وجلَّ -: (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦).


الصفحة التالية
Icon