(قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (١٧)
(فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا)
أي بمصدِّق لَنَا.
(وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ).
ليس يريدون أنَّ يَعْقُوبَ - عليه السلام - لا يُصَدِّق من يَعْلَم أنه صادق، هذا مُحال، لاَ يُوصَفُ الأنْبِياءُ بذلك، ولكن المعنى: لو كنا عندك من أهل الثقَةِ والصدْق لاتهَمتَنا فِي يُوسُفَ لمحبَّتِكَ إيَّاهُ، وظننت أنا قد كَذَبْنَاكَ.
* * *
وقوله: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (١٨)
يروى أنهم - رحمة " اللَّه عَلَيْهِم - لمَّا طَرَحُوا يُوسُفَ عليه السلام في
الْجُبِّ أخَذوا قميصَه وذَبَحوا جَدْياً فلطخوا القميصَ بدم الجَدْي.
وقيل سخْلَة.
والمعنى واحد، فلما رأى يعقوب - ﷺ - القميصَ قال: كَذَبْتُم، لو أكله الذئبُ لخرقَ قمِيصَهُ.
وقيل إنه قال إِنْ كَان هَذا الذئبُ لحلِيماً، أشْفقَ على القميص
فلم يمزقْهُ، وأَكَل ابني فالدَّمُ دمٌ كذِب، أَيْ ذُو كذِبٍ، والمعنى دم مكذوب
(قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا).
أي بل زَيَّنَتْ أنفسُكم أَمْراً في قِصةِ يوسُفَ
(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ).
معناه صبر لا جَزَع فيه ولَا شَكْوى إلى النَّاسِ.
وصبر جميل مرفوع على ضرِبَيْنِ:
المعنى فشأني صَبْر جَميل، والذي أعتقده صبرٌ جميل، ويجوز أن
يكون عَلَى " فصَبْرِي صبر جَميلٌ "
وهذا لفظ قُطْربُ: فَصَبْري صَبرٌ جَميل.
والأول مذهب الخليل وجميع أصحابه.
ويجوز في غير القرآن فصَبْراً جميلاً.
وأنشدوا في الرفع: