يوسف، وابنة شعيب في فراستها في موسى حين قالت:
(يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)
وأبو بكر في تَوْليتهِ عمرَ الخلافة بعدَهُ.
وقوله: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ)
أي ومثل الذي وصفنا مَكنا ليوسف في الأرضِ.
(وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ).
جائز أن يكون تأويل الرؤيَا، وأن يَكُونَ تأويل أحاديثِ الأنْبِيَاءِ.
* * *
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢)
الأشُدُّ من نحو سبع عشرة سنة إلى نحو الأربعين، آتيناه حُكْماً وعِلْماً.
أي جَعَلْنَاه حَكيماً عَالِماً، ولَيْس كل عالمٍ حَكِيماً.
الحكيم العالِمُ المستعملُ علمَه، الممتنع من استعمال ما يُجَهَّلُ فيه.
وأصل أَحْكَمْتُ افي اللغَةِ مَنَعْتُ، ومن هذا حَكَمَةُ الذَائةِ، لأن الفارس
يمنع بها الدائةَ من إرَادَتِها.
(وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
أي ومثل مَا وَصَفْنَا من تعليم يوسفَ نَجْزي المُحْسِنينَ.
* * *
(وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)
المعنى أنها رَاوَدْته عما أرادَتْه مما يريد النساء من الرجَالِ، فَعُلِمَ بِتَرْكِهِ
ذكرَ الفَاحِشَةِ نفسها ما راودته عليه (١).
(وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ).
المعنى هَلُمَّ لَكَ، أي أَقْبل إلى مَا أَدعوكَ إليهِ.
قوله تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ﴾: أي: طالَبَتْه برفقٍ ولين قولٍ، والمُراوَدَةُ المصدر، والرِّيادة: طَلَبُ النِّكاح، ومشى رُوَيْداً، أي: ترفَّق في مِشْيتِه، والرَّوْدُ، الرِّفْقُ في الأمور والتأنِّي فيها، ورادَتِ المرأةُ في مَشْيها تَرُوْدُ رَوَدَاناً من ذلك، والمِرْوَدُ هذه الآلةُ منه، والإرادةُ منقولةٌ مِنْ راد يرود إذا سعى في طلب حاجة، وقد تقدَّم ذلك في البقرة، وتعدى هنا ب «عن» لأنه ضُمِّن معنى خادَعَتْ، أي: خادَعَتْه عن نفسه، والمفاعلةُ هنا من الواحد نحو: داوَيْتُ المريض، ويحتمل أن تكون على بابها، فإنَّ كلاً منهما كان يطلبُ مِنْ صاحبه شيئاً برفق، هي تطلُب منه الفعلَ وهو يطلبُ منها التركَ. والتشديد في «غَلَّقَتْ» للتكثير لتعدُّد المجال.
اهـ (الدر المصون).