وقوله: (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا).
فَعَلِمَ مُوسَى عليه السلام وحكم قبل أَنْ يُبْعَثَ.
(وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
فجعل الله إتيان العلم والحكمة مجازاة على الإحْسَان لأنهمَا
يَؤدِّيانِ إلى الجنةِ التي هي جزاء المحسنِين، والعالم الحكيمُ مَن
استعمل عِلْمَه، لأن اللَّه - عزَّ وجلَّ - قال: (وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
فجعلهم إذ لم يَعْملوا بالعلم جُهَّالاً.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥)
جاء في التفسير أنه دخلها وقت القائلة، وهو انتصاف النَّهَار
وقوله: (هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ).
هذا موضع فيه لطف، وذلك أَنه قيلَ في الغائِب " هذا " والمعنى
وَجَد فيها رَجُلَيْن أَحَدهمَا مِنْ شِيعَتِهِ وأَحدهما مِنْ عَدُوِّهِ.
وقيل فيهما هذا وهذا على جهة الحكاية للحضرة، أي فوجد فيها رَجليْنِ إذا نظر إليهما الناظِرُ قال هذا من شيعته وهذا مِنْ عَدُوِّهِ.
(فَاسْتَغَاثَه الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ).
أي استنصره، والذي مِنْ شِيعَتِهِ من بني إسرائيل، والذي من
عَدُوه من أصحاب فرعون.
وجاء في التفسير أن فرعون كان رجلاً من أهل اصطخر، ويقال إن الرجل الذي هو من عدوه رجل من القِبْطِ، وقيل أيضاً من أهل اصْطَخْرٍ.