(إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).
أي إن خير من اسْتَعْمَلْتَ مَنْ قَوِيَ على عملك وأَدى الأمانَةَ فيه.
وإنما قالت (الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) فَوَصَفَتْه بالقوة لِسَقْيِهِ غنمها بِقوة وشدة.
وقيل لقوته على رفع الحجر الذي كان لا يُقِلُّه أقل من عَشَرةِ أَنفس.
وقد قيل إنه كان لا يقله أقل من أرْبعين نَفْساً.
فأَما وصفها له بالأمَانَةِ فقيل إن مُوسَى لما صار معها إلى أبيها تقدم أَمَامَهَا وأَمَرهَا أن تكون خلفه، وَتَدُلَّه على الطريق، وخاف إذا كانت بين يديه أَنْ تُصِيبَ مَلْحَفَتَها الريحُ فيتبيَّن وصفها، فذلك ما عرفته من أمانته.
* * *
وقوله: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)
معنى أُنْكِحُكَ أُزَوِّجُكَ.
(عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ).
أي تكون أجيراً لي ثماني سنين.
(فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ).
أي فذلك بفضل - منك ليس بِوَاجِبٍ عَلَيْكَ.
* * *
(قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)
أي ذلك الذي وَصَفْتَ لِي بيني وبينك، ومعناه، ما شَرَطْتَ عَلَى
فلك وما شرطت لي فلي، كذَلك الأمَرُ بَيْنَنَا، ثم قال:
(أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ).
والعُدْوَانُ المجاوزة في الظلم، وعُدْوَانٌ منصوبٌ بـ (لَا)