أي تغلبون بآياتنا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦)
لم يأتوا بحجة يدفعون بها مَا ظَهَرَ مِنَ الآيَاتِ إلا أن قالوا إنها
سحْرٌ فلما جُمِعَ السَّحَرةُ بينوا أَنَ آيات موسى عليه السلام ليست
بسحر، فغلَبَ موسى بآيات اللَّه وبحجته كما قال عزَّ وجلَّ به.
* * *
وقوله: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٣٨)
(فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ)
أي اعمل آجرًّا، ويقال إنَّ فرعونَ أولُ من عَمِلَ الآجرَّ.
(فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا).
والصرح كل بناء متسع مرتفع
وقوله: (لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى).
وظنَّ فرعونُ أنه يتهيأ له أَنْ يبلغ بصرحه نحو السماء فَيَرَى السماءَ
وَمَا فِيها.
(وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ).
الظًنُ في اللغَةِ ضَربٌ يكون شَكا ويَقِيناً. - وقول فِرْعَوْنَ: وإني
لأظُنُه اعتراف بأنه شاو، وأنَّه لم يتيقَن أَنَ موسى كاذِب، ففي هذا
بيان أنه قد كفر بموسى على غير يقين أَنَه ليس بِنَبِيٍّ، وقد وَقَعَ في نفسه
أنه نبيٌّ لأن الآيات التي هي النبوة لا يجْهَلها ذو فطرة، وقوله في غير
هذا الموضع: (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ). دليل على أنه قد ألزَمَ فرعونَ الحجةَ القَاطِعَةَ.