أَي مَاكنتَ مُقِيماً في أهلِ مَدْيَنَ.
* * *
(وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦)
يَعْنِي نادينا مُوسَى.
(وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ).
المعنى إنك لم تشاهد قَصَصَ الأنبياء، ولا تُلِيَتْ عَلَيْكَ، ولكن
أَوْحَيناها إليك، وقصَصْنَاها عليك رحمةً مِنْ رَبِّكِ لتنذِر قوماً، أي
لتعرفهمُ قَصَصَ مَن أُهْلِكَ بِالعَذَابِ ومن فاز بالثواب.
ولو قرئت " ولكنْ رحمةٌ " لكان جائزاً على معنى ولكنْ فِعلُ ذلك رَحْمة من رَِّك، والنصْبُ على معنى فعلنا ذلك للرحمة، كما تقول: فعلت ذلك ابتغاء الخَيْر، أي فعلته لابتغاء الخَيْر، فهو مفعول له.
* * *
وقوله: (وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)
أي لولا ذلك لم يحتج إلى إرْسَالِ الرسُل، ومواترة الاحْتجاج.
* * *
وقوله: (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (٤٨)
أي فلما جاءتهم الحجة القَاطِعةُ التي كان يجوز أَنْ يَعْتَلُّوا
بتأخرِهَا عنهم.
(قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى).
المعنى: هلَّا أوتي مُحمدٌ مثلَ ماَ أوتي موسى، صلى اللَّه عَلَيْهِمَا من أمر العصا والحية وانفلاق البحر، وسائر الآيات التي أَتَى بِهَا مُوسَى، فقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمدٍ عليهما السلام.
(قَالُوا [سَاحْرَانِ] تَظَاهَرَا).