العُلَماء بالتوْرَاةِ. فبغَى على موسى وَقَصَدَ إلى الإفساد عليه وتكذيبه.
وكان من طلبه للإفْسَادِ عَلَيْه أَن بَغِيًّا كانت مَشْهُورَةً في بني إسرائيل.
فَوَجَّهَ إليها قارونُ - وَكَانَ أَيْسَرَ أَهلِ زَمَانِهِ - يأمرها أن تَصِيرَ إليه، وهو
في مَلأٍ مِنْ أَصْحابه لِتَتَكَذَّبَ على مُوسَى وتقول: إنه طلبني للفساد
والرِّيبَةِ، وضمن لها قَارُونُ إنْ فعلتْ ذلك أن يَخْلِطها بِنِسَائِهِ، وَأَنْ
يُعطِيها على ذلك عَطَاءَ كبيراً، فجاءت المرأةُ - وقارون جالس مع
أصحابه - وَرَزَقها اللَّهُ التوبة فقالت في نفسِها مالي مَقَامُ توبةٍ مثلُ
هذا، فأقبلت على أهل المجلس وقارُونَ حَاضِرٌ، فقالت لهم إن قارونَ
هَذَا وَجَّه إليَّ يأمُرُنِي وَيَسْأَلُني أن أتكذَّب على موسى، وأن أقول إنه
أرادَني للفساد وإنَّ قارونَ كاذبٌ في ذلك فلما سمع قارون كلامها تحيَّر
وَأُبْلِسَ واتصَلَ الخَبَرُ بمُوسَى - عليه السلام - فجعل اللَّهُ أَمْرَ قارون
إلى مُوسَى وأمر الأرض أَنْ تطيعَه فيه، فَوَرَدَ مُوسَى على قارونَ فَاَحَسَّ
قارون بِالبَلاءِ، فقال يا موسى ارْحَمْني، فقال: يا أرض خُذِيهِ فخُسِفَ
به وَبِدَارِه إلى رُكْبَتَيهْ، فقال: يا موسى ارحمني، فقال: يا أرض خُذِيه
فَخُسِف به إلى سُرتِهِ، ثم قال: يا أرض خذيه فخسف به إلى عُنُقِهِ
واسترحَمَ موسى فقال يا أرض خذيه فخسف به حتى ساخت الأرضُ بِهِ
وبداره، قال الله عزَّ وجلَّ: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٨١).
* * *
وقوله تعالى: (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ).
روي في التفسير أن مَفَاتِحَه كانت من جُلُودٍ على مقادر الإصبع
وكانت تحمل على سبعين بَغْلًا أو ستين بَغْلاً، وجاء أَيْضاً أَن مفاتحه


الصفحة التالية
Icon