وقوله: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ).
فيها أوجه: فمنها أن أكبر في معنى كبير، وجَاَءَ في التفسير: ولذكر
اللَّه إِياكم إذَا ذَكَرْتموهُ أكبر من ذكركم.
ووجه آخر معناه (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)
النهى عن الفحشاء والمنكر، أكبر من الانتهاء عن الفحشاء والمنكر، لأن اللَّه
قد نهى عنها.
* * *
وقوله: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦)
أي: أهلَ الحربِ، فالمعنى: لا تجادلوا أهل الجزيَةِ إلاَّ بالتي
هي أحَسَن، وقاتلوا الذين ظلموا.
وقيل إن الآية منسوخة بقوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩).
فكان الصَّغَارُ خارجاً مِنَ التي هي أَحْسَن، فالأشْبَه أَن تكون مَنْسوخَة.
وجائز أن يكون الصغار أخذَ الجزية مِنهم وَإن كرهوا، فالذين تؤْخَذ منهم الجزية بنص الكتاب إليهود والنصَارَى، لأنهم أصحاب التوراة والإنجيل، فأمَّا المجوس فأخذت منهم الجِزْيَةُ لقول رسول الله - ﷺ -:
" سنُّوا بِهِم سئة أهل الكتاب ".
واختلف الناسُ فيمن سِوى هؤلاء من الكفار مثل عبدَة
الأوثان ومن أشْبَهُهمْ فهم عند مالك بَن أنس يجرون هذَا المجرى.
تؤخذ منهم الجزية كانوا عَجَماً أو عَرَباً، وأما أهل العِراقِ فقالوا نَقْبَلُ الجزية من العَجَم غير العَرَبِ إِذا كانوا كفاراً، وإن خرجوا من هذه الأصْنافِ أعني إليهود