حتى يكون أبواه يُهوِّدَانِه وَيُنَصِّرَانه ويُمَجِّسَانه ".
مَعْنَاهُ أن اللَّه - عزَّ وجلَّ - فطر الخلق على الإيمان على ما جاء في الحديث، أن اللَّه - جل ثناؤه - أخرج مِنْ صُلب آدم ذُريتَهُ كالذَّرِّ، وَأَشْهَدَهُمْ على أَنْفُسِهِمْ بأنه خَالِقُهُمْ، قال اللَّه عزَّ وجلَّ: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى).
فكل مولود فهو من تلك الذرية التي شَهِدَتْ بِأنَّ اللَّهَ خَالِقُهَا.
فمعنى (فِطْرَتَ اللَّهِ) دين الله الذي فَطَرَ الناس عليه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ).
أكثر ما جاء في التفْسِير أن معناه لا تبديل لِدين اللَّهِ، وما بعده
يدل عليه، وهو قوله: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
أي لا يعلمون بحقيقة ذلك.
* * *
وقوله: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١)
(مُنِيبِينَ)
مَنْصُوبُ عَلَى الحال بقوله: (فَأقِمْ وَجْهَكَ)
زعم جميع النحويين أن معنى هذا فأقيموا وُجُوهَكم منيبين إليه، لأن مخاطبة النبي - ﷺ - يدخُلُ معه فيها الأمةُ، والدليل على ذلك قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ).
وقوله (مُنِيبِينَ) معناه راجعين إليه إلى كلِ ما أَمَر به ولا يخرجون
عن شيء مِنْ أَمْرِه، فأعلمهم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن الطريقة المستقيمة
في دين الإسلام هو اتباع الفطرةِ والتقْوَى مع الإسلام وأداء الفرائض.
وأَنه لا ينفع ذلك إلا بالإخْلَاصِ في التوحيد فقال:
(وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)