وكذلك: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ).
لم دخَيَّروا بين الإيمان والكفر ولكنه جرى على خطاب العِبَاد
وحِوَارِ العربِ الذي تستعمله في المبالغة في الوعيد، ألا ترى أن قوله
بعد (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) فهذا مما يؤكد أمر الوَعِيدِ.
* * *
وقوله: (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨)
جعل اللَّه عزَّ وجلَّ لذي القُرْبَى حَقًّا وكذلك للمساكين وابنُ
السّبيل الضَّيفُ فجعل الضيافة لازمةً. فأمَّا القَراباتُ فالمواريث قدْ
بَيَّنَتْ مَا يَجِبُ لكل صنف منهم، وفرائض المواريث كأنها قَدْ نسختْ
هذا أعني أمر حق القرابة، وجائز أن يكون للقرابة حق لازم في البر.
* * *
وقوله: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)
يعني به دفع الإنسان الشيء ليعوض ما هو أكثر منه، فذلك في
أكثر التفسير لَيْسَ بحرام، ولكنه لَا ثَوابَ لمن زادَ عَلَى ما أَخَذَ.
والرِّبَا ربوان، والحرام كل قرض يؤخذ به أكثر منه أو يجرُّ مَنفعة، فهذا
حرام، والذي ليس بحرام هو الذي يَهَبُه الإنسان يستدعي به ما هو
أكثر مِنْهُ، أو يهدي الهدِيَّة يستدعي بها ما هو أكثر منها.
وقوله: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ).