ففصلت بين (كَمْ) وبين قولك مقرفاً بِقَوْلِكَ (بجودٍ)، فيكون
الفَصْلُ فيها بين (كَمْ) وما عملت فيه عِوَضاً من تصرفها، ألا ترى أنه لا
يجوز عشرون عندي درهماً، ويجوز في الخبر كم عندي دِرهماً جَيِّداً.
وحقيقة هذا أَن (كَمْ) في موضع نصبٍ بـ (أَهْلَكْنَا).
وفاعل " يَهْدِ " ما دل عليه المعنى مما سلف من الكلام.
ويكون (كَمْ) أَيْضاً دليلا على الفاعل في يهدي، ويدل على هذا قراءة من قرأ أو لم نَهْدِ - بالنونِ - أي ألم نبين لهم.
ويجوز أيضا على " يهد " بالياء - أن يكون الفعلُ لله - عزَّ وجلَّ - يدل عليه قراءة من قرأ (أولَم نَهْدِ).
* * *
وقوله - عزَّ وجلَّ - (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧)
يُقرأ (الجُرُزَ)، ويجوز، الجَرَزَ والجُرْز والجَرْز.
كل ذلك قد حكي في (الْجُرُزِ).
جاء في التفسير أنها أرض اليَمَنِ، والجرز عند أَهْل اللغَةِ الأرض
التي لا تُنْبِتُ. وكان أصلها أنها تأكل نباتها، يقال امرأة جَزُوز إذا
كانت أكولاً، ويقال: سيف جراز إذَا كان مستأصلا.
فمن قال جُرْزٌ فهو تخفيف جرُز، ومن قال: جَرَز وَجَرْز فهما لغتان.
ويجوز أن يكون جَرْز مَصْدَراً وُصِفَ به كأنَّه أرض ذات جَرْزٍ - أعني بإسكان الراء، أي ذَات أكل للنبَاتِ.
وقوله: (يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ).
ويجوز في (يَمْشون في مساكنهم): تَمْشون.
* * *
وقوله تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٨)


الصفحة التالية
Icon