اللغة، لأن الطائفة في معنى الجماعَةِ وأقل الجماعة اثنان، وأقل ما يجب في
الطائفة عِنْدِي اثنان.
والذي ينبغي أن يُتَحَرى في شَهَادَة عَذَاب الزانِي أَن
يكونُوا جَمَاعةً لأن الأغلب على الطائفة الجَمَاعَةُ.
* * *
وقوله: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)
ويجوز الزاني لا يُنْكَحُ إلَّا زانية، والزانِيَةُ لا يُنْكَحُهَا إلا زَانٍ
ولم يقرأ بها. وتأويل (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً) على معنى لا يتزوَّجُ.
وكذلك الزانية لا يتَزَوجها إلا زانٍ.
وقَالَ قومٌ: إنَّ مَعْنَى النكاح ههنا الوَطْء، فالمعنى عندهم
الزاني لَا يَطَأ إلَّا زانيةً والزانية لا يطؤها إلا زَانٍ.
وهذا القول يَبْعُد، لأنه لا يعرف شيء من ذكر النكاح في كتاب اللَّه إلا على معنى التزويج، قال اللَّهُ سُبْحَانَه: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ)، فهذا تزويج لَا شكَّ فيهِ.
وقال اللَّه، عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ).
فاعلم عزَّ وجلَّ أن عقد التزويج يُسمَّى النكاح.
وَأَكْثَرُ التفسير أَن هذه الآيةَ نزلت في قومٍ مِنَ الْمسلمين فقراء كانوا
بِالمَدينة، فهمُّوا بأن يتزوجوا بِبَغايَا من بالمدينة - يزنين، ويأخُذْن الأجْرَةَ.
فَأرَادُوا التزْوِيج بهِن لِيَعُلْنَهُمْ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ تَحرِيمَ ذَلِكَ، وقيل إنهم
أرادوا أن يُسَامحوهُنَّ، فأُعلموا أن ذَلك حَرَام.