(وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ).
قيل في ذلك أن يحكم بالبينة واليمين، وقيل في فصل الخطاب، أن
يفصل بين الحق والباطل.
وقيل (أَما بعد)، وهو أول من قال أَمَّا بَعْدُ.
* * *
(وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١)
والمحرابُ أرفع بيت في الدار، وكذلك هو أرفع مكان في
المسجد، والمحراب ههنا كالغرفة.
قال الشاعر:
رَبَّةُ مِحْرابٍ إِذا جِئْتُها... لم أَلْقَها أَو أَرْتَقي سُلَّما
و (تَسَوَّرُوا) يدُلُّ على عُلُوٍّ.
وقال (الخَصْم) ولفظه لفظ الواحد، و (تَسَوَّرُوا)
لفظ الجماعة لأن قولك خصم يصلح للواحد والاثنين والجماعةِ والذكر
والأنثى، يقال: هذا خَصم وهي خصم وهما خصم وهم خُصْم.
وإنما صلح لجميع ذلك لأنه مصدر، تقول خصمته أَخْصِمُه خَصْماً.
المعنى هما ذوا خصم وهم ذوو خصم، وإن قلت خصوم جاز كما تقول هما عدل وهما ذوا عدل، وقال اللَّه تعالى، (وَأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل مِنْكُمْ).
فمعنى هما عدل هما ذوا عدل.
فما كان من المصادر قد وصفت به الأسماء فتوحيده جائز، وإن
وصفت به الجماعة، وتذكيره جائز وإن وصفت به الأنثى، تقول هو رضًى وهما رِضًى، وكذلك هذه رضًى.
* * *
وقوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (٢٢)
لأنهم أتَوْه مِن غَير مَأتَى الخُصوم، وفي غير وقتهم، وفي وقت لم يكن