أي هب لي ملكاً يكون فيه آية تدل على نبوتي، لا ينبغي لأحد من
بعدي من الآدميين الذين ليسوا بأنْبياء، يكون له آية تدل على أنك غفرت لي
وَرَددت إليَّ نبوتي. والدليل على هذا قوله
(فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (٣٦)
(رُخَاءً) لينةً، وقيل (تجري بأمره) ليست بشديدة كما يحب.
(حَيْثُ أصَابَ)
إجماع المفسرين وأهل اللُّغَةِ أنه حيث أراد، وحَقِيقَتُهُ
قَصَدَ، وكذلك قولك للمجيب في المسألة: أَصَبْتَ، أي قَصدْتَ، فلم
تخطئ الجواب.
* * *
(وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧)
(الشَّيَاطِين) نسق على الريح.
وقوله (كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) يدل على أنه من الشياطين.
المعنى وسخرنا له كل بناء من الشياطين وكل غواص.
وكان من يبني: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ).
وكان من يغوص يخرجون له الحلية من البحر.
(وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٣٨)
مَرَدَةُ الجن الشياطين، سُخروا له حتى قَرَنَهم في الأصْفَادِ.
والأصفاد السلاسل من الحديد، - وكل ما شددته شدًّا وثيقاً بالحديد وغيره، فَقَد صَفَدْتَه
وكل من أعطيته عطاء جزيلًا. فقد أصفدتَه كأنك أعطيته ما ترتبط به، كما تقول للمُتَخِذِ مَالاً أَصْلاً يبقى عليه: قد اتخذت عقدة جَيدَةً.
* * *
(هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٩)
(هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ)
أي أطلق من شئت مِنهم.


الصفحة التالية
Icon