أي ما علمت هذه الأقاصيص إِلا بِوَحْيٍ منَ اللَّهِ.
* * *
(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١)
هم الملأ من الملائكة، وملأ كل قرية وجوههم وأفَاضِلهَمَ.
* * *
(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥)
((قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ)
تقرأ على ثلاثة أوجه:
(بِيَدَيَّ) على التَّثْنِية، و (بِيَدَيَ اسْتَكْبَرْتَ) بفتح الياء
وتخفيفها وتوحيد اليد، وبتسكين اليد والتوحيد، (بِيَدَي استكبرت) (١).
* * *
(قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧)
أي فإنَّكَ لَعين، معناه فإنك مرجوم باللعنة.
* * *
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨)
يوم تدان كل نفس بما كسبت، ومعنى يوم الدين يوم الجزاء.
* * *
(إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١)
الَّذِي لَا يَعْلَمُه إِلا اللَّهُ، ويوْم الوَقْتِ يَومُ القيامة.
* * *
وقوله: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)
بفتح اللام، أخْلَصَهُم اللَّه لِعِبَادَتِه، ومن كسر اللام، فإنَّمَا أراد الَّذِين
أخْلَصُوا دينَهُمْ اللَّه.
* * *
(قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤)
قوله: ﴿أَن تَسْجُدَ﴾: قد يَسْتَدِلُّ به مَنْ يَرَى أنَّ «لا» في ﴿أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ [الأعراف: ١٢] في السورةِ الأخرى زائدةٌ؛ حيث سقطَتْ هنا والقصةُ واحدةٌ. وقوله: «لما خَلَقْتُ» قد يَسْتَدِلُّ به مَنْ يرى جوازَ وقوع «ما» على العاقل؛ لأنَّ المرادَ به آدمُ. وقيل: لا دليلَ فيه؛ لأنه كان فَخَّاراً غيرَ جسمٍ حَسَّاسٍ فأشير إليه في تلك الحال. وقيل: «ما» مصدريةٌ والمصدرُ غيرُ مُرادٍ، فيكون واقعاً موقعَ المفعولِ به أي: لمخلوقي.
وقرأ الجحدري «لَمَّا» بتشديدِ الميمِ وفتحِ اللامِ، وهي «لَمَّا» الظرفيةُ عند الفارِسيِّ، وحرفُ وجوبٍ لوجوبٍ عند سيبويه. والمسجود له على هذا غيرُ مذكورٍ أي: ما مَنَعَك من السجود لَمَّا خلقْتُ أي: حين خَلَقْتُ لِمَنْ أَمَرْتُك بالسجود له. وقُرِئ «بيَدَيِّ» بكسرِ الياءِ كقراءةِ حمزةَ «بِمُصْرِخِيِّ» وقد تقدَّم ما فيها. وقُرِئ «بيدي» بالإِفرادِ.
قوله: «أسْتَكْبَرْت» قرأ العامَّةُ بهمزةِ الاستفهام وهو استفهامُ توبيخٍ وإنكارٍ. و «أم» متصلةٌ هنا. هذا قولُ جمهورِ النحويين. ونقل ابنُ عطيةَ عن بعضِ النحويين أنها لا تكونُ معادِلَةً للألفِ مع اختلافِ الفعلَيْن، وإنما تكونُ معادِلةً إذا دَخَلَتا على فِعْلٍ واحد كقولِك: أقامَ زيدٌ أم عمروٌ، وأزيدٌ قام أم عمروٌ؟ وإذا اختلف الفعلان كهذه الآيةِ فليسَتْ معادِلةً. وهذا الذي حكاه عن بعض النحويين مَذْهَبٌ فاسِدٌ، بل جمهورُ النحاةِ على خلافِه قال سيبويه: «وتقول:» أضرَبْتَ زيداً أمْ قَتَلْتَه؟ «فالبَدْءُ هنا بالفعل أحسنُ؛ لأنك إنما تَسْأل عن أحدِهما لا تدري أيهما كان؟ ولا تَسْأَلُ عن موضعِ أحدِهما كأنك قلت: أيُّ ذلك كان» انتهى. فعادل بها الألفَ مع اختلافِ الفعلين.
وقرأ جماعةٌ - منهم ابنُ كثير، وليسَتْ مشهورةً عنه - «استكبَرْتَ» بألف الوصلِ، فاحتملَتْ وجهين، أحدهما: أنْ يكونَ الاستفهامُ مُراداً يَدُلُّ عليه «أم» كقولِه:
٣٨٧٩.............................. بسَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْرَ أم بثمانِ
وقول الآخر:
٣٨٨٠ ترُوْحُ من الحَيِّ أم تَبْتَكِرْ................................
فتتفق القراءتان في المعنى، واحتمل أَنْ يكونَ خبراً مَحْضاً، وعلى هذا فأم منقطعةٌ لعدمِ شَرْطِها. اهـ (الدُّرُّ المصُون).